شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٨٩
* أنا القلاخ بن القلاخ ابن جلا * ومنه قولهم فلان قائد الجمل لأنه لا يخفى لعظم الجمل وكبر جثته، وفى المثل:
ما استتر من قاد جملا. وقالوا كفى برغائها نداء، ومثل هذا قولهم: ما يوم حليمة بسر يقال: ذلك في الامر المشهور الذي لا يستر، ويوم حليمة يوم التقى المنذر الأكبر والحارث الغساني الأكبر، وهو أشهر أيام العرب، يقال: إنه ارتفع من العجاج ما ظهرت معه الكواكب نهارا، وحليمة: اسم امرأة أضيف اليوم إليها، لأنها أخرجت إلى المعركة مراكن الطيب، فكانت تطيب بها الداخلين إلى القتال، فقاتلوا حتى تفانوا.
ويقولون في الكناية عن الشيخ الضعيف: قائد الحمار، وإشارة إلى ما أنشده الأصمعي:
آتي الندى فلا يقرب مجلسي * وأقود للشرف الرفيع حماري.
أي أقوده من الكبر إلى موضع مرتفع لأركبه لضعفي، ومثل ذلك كنايتهم عن الشيخ الضعيف بالعاجن، لأنه إذا قام عجن في الأرض بكفيه، قال الشاعر:
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا * وشر خصال المرء كنت وعاجن.
قالوا: الكنتي الذي يقول كنت أفعل كذا، وكنت أركب الخيل، يتذكر ما مضى من زمانه، ولا يكون ذلك إلا عند الهرم أو الفقر والعجز.
ومثله قولهم للشيخ: راكع، قال لبيد:
أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع (1) والركوع: هو التطأطؤ والانحناء بعد الاعتدال والاستواء، ويقال للانسان إذا انتقل من الثروة إلى الفقر: قد ركع، قال:
لا تهين الفقير علك إن تركع * يوما والدهر قد رفعه (2)

(1) ديوانه 171.
(2) للأضبط بن قريع السعدي، أمالي القالي 1: 108.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست