شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٧
عبد الله بن عمرو القيسي قال: حدثنا خارجة بن عبد الله بن أبي سفيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: خرجت مع عمر في أول غزاة غزاها، فقال لي ليلة: يا بن عباس، أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: من هو؟ قال: ابن أبي سلمى. قلت: ولم صار كذلك؟ قال:
لأنه لا يتبع حوشي الكلام، ولا يعاظل في منطقه، ولا يقول إلا ما يعرف، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه، أليس هو الذي يقول:
إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية * إلى المجد من يسبق إليها يسود سبقت إليها كل طلق مبرز * سبوق إلى الغايات غير مزند.
قال: أي لا يحتاج إلى أن يجلد الفرس بالسوط.
كفعل جواد يسبق الخيل عفوة السراع وأن يجهد ويجهدن يبعد فلو كان حمدا يخلد الناس لم تمت (1) * ولكن حمد الناس ليس بمخلد.
أنشدني له، فأنشدته حتى برق الفجر، فقال: حسبك الان، اقرأ القرآن.
قلت: ما أقرأ؟ قال: الواقعة، فقرأتها، ونزل فأذن وصلى (2).
وقال محمد بن سلام في كتاب طبقات الشعراء: دخل الحطيئة على سعيد بن العاص متنكرا، فلما قام الناس وبقى الخواص أراد الحاجب أن يقيمه، فأبى أن يقوم، فقال سعيد: دعه، وتذاكروا أيام العرب وأشعارها، فلما أسهبوا قال الحطيئة: ما صنعتم شيئا، فقال سعيد: فهل عندك علم من ذلك؟ قال: نعم، قال: فمن أشعر العرب؟ قال:
الذي يقول:
قد جعل المبتغون الخير في هرم * والسائلون إلى أبوابه طرقا قال: ثم من؟ قال: الذي يقول

(1) في د (خلدوا).
(2) الأغاني 10: 290، 291.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست