شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٥١
وسلفك فالفضل فيهم لا فيك، ولو تكلمت هذه الأشياء لقالت لك: هذه محاسننا فما محاسنك!
وأيضا فإن الاعراض الدنيوية كما قيل: سحابه صيف عن قليل تقشع، وظل زائل عن قريب يضمحل، كما قال الشاعر:
إنما الدنيا كرؤيا فرحت * من رآها ساعة ثم انقضت بل كما قال: تعالى ﴿إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس﴾ (١).
وإذا كان لا بد من الفخر فليخفر الانسان بعلمه وبشريف خلقه، وإذا أعجبك من الدنيا شئ فاذكره فناءك وبقاءه، أو بقاءك وفناءه، أو فناءكما جميعا، وإذا راقك ما هو لك فانظر إلى قرب خروجه من يدك، وبعد رجوعه إليك، وطول حسابك عليه وقد ذم الله الفخور فقال: ﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾ (2).

(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست