شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٣١
فقالت يا بنى، احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الإنس والجن، واعلم إن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها، فإياك وإياه آخر الدهر، فقال: أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي:
يا بن الزبير لقد لاقيت بائقة * من البوائق فالطف لطف محتال لاقيته هاشميا طاب منبته * في مغرسيه كريم العم والخال ما زال يقرع عنك العظم مقتدرا * على الجواب بصوت مسمع عال حتى رأيتك مثل الكلب منجحرا * خلف الغبيط وكنت الباذخ العالي أن ابن عباس المعروف حكمته * خير الأنام له حال من الحال عيرته المتعة المتبوع سنتها * وبالقتال وقد عيرت بالمال لما رماك على رسل بأسهمه * جرت عليك بسيف الحال والبال فاحتز مقولك الأعلى بشفرته * حزا وحيا بلا قيل ولا قال (1) وأعلم بأنك إن عاودت غيبته * عادت عليك مخاز ذات أذيال.
وروى عثمان بن طلحة العبدري، قال: شهدت من ابن عباس رحمه الله مشهدا ما سمعته من رجل من قريش، كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن الحكم - وهو يومئذ أمير المدينة - سرير آخر أصغر من سريره، فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل، وتوضع الوسائد فيما سوى ذلك، فأذن مروان يوما للناس، وإذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان، فأقبل ابن عباس فجلس على سريره، وجاء عبد الله بن الزبير فجلس على السرير المحدث، وسكت مروان والقوم، فإذا يد ابن الزبير

(1) وحيا: سريعا.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست