شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٢٠
أبى عقيل منك، وادن منى أودعك، فدنا منها فقبلها وعانقها، فقالت حيث مست الدرع: ما هذا صنيع من يريد ما تريد! فقال: ما لبستها إلا لأشد منك، فقالت إنها لا تشد منى، فنزعها، ثم أخرج (1) كميه وشد أسفل قميصه، وعمد إلى جبة خز تحت القميص، فأدخل أسفلها في المنطقة، فقالت أمه: شمر ثيابك، فشمرها، ثم انصرف وهو يقول:
إني إذا أعرف يومى أصبر * إذ بعضهم يعرف ثم ينكر.
فسمعت العجوز قوله، فقالت تصبر والله، ولم لا تصبر وأبوك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب!
قال: وروى محمد بن عمر عن ثور بن يزيد عن رجل من أهل حمص قال: شهدته والله ذلك اليوم ونحن خمسمائة من أهل حمص، فدخل من باب المسجد لا يدخل منه غيرنا، وهو يشد علينا ونحن منهزمون وهو يرتجز:
إني إذا أعرف يومى أصبر * وإنما يعرف يومية الحر * وبعضهم يعرف ثم ينكر * فأقول أنت والله الحر الشريف، فلقد رأيته يقف بالأبطح، لا يدنو منه أحد حتى ظننا إنه لا يقتل.
قال: وروى مصعب بن ثابت، عن نافع مولى بنى أسد، قال: رأيت الأبواب قد شحنت بأهل (2) الشام، وجعلوا على كل باب قائدا ورجالا وأهل بلد، فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بنى جمح، ولأهل قنسرين باب بنى سهم، وكان الحجاج وطارق بن عمرو في ناحية الأبطح إلى المروة، فمرة يحمل ابن الزبير

(1) الطبري: (أدرج).
(2) الطبري: (من أهل الشام).
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست