شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١١٥
عثمان، فقتل عبد الله بن الزبير جرجير أمير جيش الروم، فقال ابن أبي سرح: إني موجه بشيرا إلى أمير المؤمنين بما فتح علينا، وأنت أولى من هاهنا، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر، قال عبد الله: فلما قدمت على عثمان أخبرته بفتح الله وصنعه ونصره، ووصفت له أمرنا كيف كان، فلما فرغت من كلامي قال: هل تستطيع أن تؤدى هذا إلى الناس؟ قلت: وما يمنعني من ذلك! قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم قال عبد الله: فخرجت حتى جئت المنبر فاستقبلت الناس، فتلقاني وجه أبى، فدخلتني له هيبة عرفها أبى في وجهي، فقبض قبضة من حصباء، وجمع وجهه في وجهي وهم أن يحصبني فأحزمت، فتكلمت.
فزعموا أن الزبير لما فرغ عبد الله من كلامه قال: والله لكأني أسمع كلام أبى بكر الصديق: من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها وأخيها فإنها تأتيه بأحدهما.
قال الزبير: ويلقب عبد الله بعائذ البيت، لاستعاذته به.
قال: وحدثني عمى مصعب بن عبد الله، قال: إن الذي دعا عبد الله إلى التعوذ بالبيت شئ سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، فإن الزبير التفت إلى الكعبة بعد أن ودع ووجه يريد الركوب، فأقبل على ابنه عبد الله، وقال: تالله ما رأيت مثلها لطالب رغبة أو خائف رهبة.
وروى الزبير بن بكار، قال: كان سبب تعوذ ابن الزبير بالكعبة إنه كان يمشى بعد عتمة في بعض شوارع المدينة، إذ لقي عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثما لا يبدو منه إلا عيناه. قال: فأخذت بيده وقلت: ابن أبي سرح! كيف كنت بعدي؟
وكيف تركت أمير المؤمنين؟ يعنى معاوية - وقد كان ابن أبي سرح عنده بالشام - فلم يكلمني، فقلت ما لك؟ أمات أمير المؤمنين؟ فلم يكلمني فتركته وقد أثبت معرفته، ثم خرجت حتى لقيت الحسين بن علي رضي الله عنه، فأخبرته خبره، وقلت: ستأتيك رسل الوليد، وكان الأمير على المدينة الوليد بن عتبه بن
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست