شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١١١
قال الزبير: وعبد الله أول من كسا الكعبة الديباج، وإن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم. قال: ولم تكن كسوة الكعبة من قبله إلا المسوح (1) والأنطاع، فلما جرد المهدى بن المنصور الكعبة، كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليها: لعبد الله أبى بكر أمير المؤمنين. قال: وحدثني يحيى بن معين باسناد رفعه إلى هشام بن عروة، أن عبد الله بن الزبير أخذ من بين القتلى يوم الجمل وبه بضع وأربعون طعنة وضربة. قال الزبير: واعتلت عائشة مرة، فدخل عليها بنو أختها أسماء: عبد الله وعروة والمنذر، قال عروة: فسألناها عن حالها، فشكت إلينا نهكة من علتها فعزاها عبد الله عن ذلك، فأجابته بنحو قولها، فعاد لها بالكلام، فعادت له بالجواب، فصمت وبكى، قال عروة: فما رأينا متحاورين من خلق الله أبلغ منهما.
قال: ثم رفعت رأسها تنظر إلى وجهه، فأبهتت لبكائه، فبكت ثم قالت: ما أحقني منك يا بنى، ما أرى. فلم أعلم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد أبوي أحدا أنزل عندي منزلتك، قال عروة: وما سمعت عائشة و أمي أسماء تدعون لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله، قال: وقال موسى بن عقبة أقرأني: عامر بن عبد الله بن الزبير وصية عبد الله بن مسعود إلى الزبير بن العوام وإلى عبد الله بن الزبير من بعده، وإنهما في وصيتي في حل وبل (2).
قال: وروى أبو الحسن المدائني، عن أبي إسحاق التميمي، إن معاوية سمع رجلا ينشد:
ابن رقاش ماجد سميدع * يأبى فيعطى عن يد أو يمنع

(1) المسح: (الكساء من الشعر، وجمعه مسوح.
(2) في د (وتل) تصحيف. والبل: المباح، قالوا: هو لك حل وبل.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست