شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ١٠٨
صلى الله عليه وآله: قد أبدلك الله تعالى بنطاقك هذا نطاقين في الجنة فسميت ذات النطاقين. قال: وقد روى محمد بن الضحاك: عن أبيه إن أهل الشام كانوا وهم يقاتلون عبد الله بمكة يصيحون: يا بن ذات النطاقين. يظنونه عيبا، فيقول ابنها: والإله، ثم يقول: إني وإياكم لكما قال أبو ذؤيب:
وعيرني الواشون إني أحبها * وتلك شكاة ظاهر عنك عارها (1) فإن اعتذر عنها فإني مكذب * وإن تعتذر يردد عليك اعتذارها ثم يقبل على ابن أبي عتيق - وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر - فيقول: ألا تسمع يا بن أبي عتيق!
قال الزبير: وزعموا إن عبد الله بن الزبير لما ولد أتى به رسول الله صلى الله عليه وآله، فنظر في وجهه وقال: (أهو هو؟ ليمنعن البيت أو ليموتن دونه).
وقال العقيلي في ذلك:
بر تبين ما قال الرسول له * وذو صلاة بضاحي وجهه علم (2) حمامة من حمام البيت قاطنة * لا تتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا.
قال: وقد روى نافع بن ثابت، عن محمد بن كعب القرظي، إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على أسماء حين ولد عبد الله فقال: أهو هو؟ فتركت أسماء رضاعه، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: ان أسماء تركت رضاع عبد الله لما سمعت كلمتك، فقال لها: (أرضعيه ولو بماء عينيك، كبش بين ذئاب عليها ثياب، ليمنعن الحرم أو ليموتن دونه).
قال: وحدثني عمى مصعب بن عبد الله، قال: كان عبد الله بن الزبير يقول:
هاجرت بي أمي في بطنها، فما أصابها شئ من نصب أو مخمصة (3) إلا وقد أصابني.

(1) ديوان الهذليين 1: 21، قال: ظاهر عنك، أي لا يعلق بك، أي يظهر عنك وينبو.
(2) رواية: (د) (يزينني ذكر ما قال الرسول له) (3) المخمصة: الجوع.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست