شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٥٠
حتى دخلت على أبى بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت (1) دونها ملاءة ثم أنت أنه أجهش لها القوم بالبكاء وارتج المجلس ثم أمهلت هنيهة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قالت: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (2)) فإن تعزوه تجدوه أبى دون آبائكم وأخا أبن عمى دون رجالكم فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة (3) مائلا عن سنن المشركين ضاربا ثبجهم يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة آخذا بأكظام (4) المشركين يهشم الأصنام ويفلق الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، وحتى تفرى (5) الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه ونطق زعيم الدين وخرست شقائق الشياطين وتمت كلمة الاخلاص وكنتم على شفا حفرة من النار نهزة الطامع ومذقة الشارب وقبسة العجلان وموطأ الاقدام تشربون الطرق (6) وتقتاتون القد. أذلة خاسئين يختطفكم الناس من حولكم حتى أنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي وبعد أن منى بهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب و (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله (7)) أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة (8) قذف أخاه في لهواتها. ولا ينكفي (9) حتى يطأ صماخها بأخمصه ويطفئ عادية لهبها بسيفه - أو قالت: يخمد لهبها بحده - مكدودا في ذات الله وأنتم في رفاهية فكهون آمنون وادعون.

(١) نيطت: أي وصلت وعلقت.
(٢) سورة التوبة ١٢٨.
(3) د: (صادرا بالتذكرة).
(4) الأكظام: جمع كظم، بالتحريك، وهو مخرج النفس من الحلق.
(5) تفرى: أنشق.
(6) الطرق: الماء الذي بالت الإبل فيه (7) سورة المائدة 64.
(8) فغرت فاغرة: أي فتحت فاها.
(9) د: (فلا تكفى).
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268