(35) الأصل: ومن كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر: أما بعد، فأن مصر قد افتتحت، ومحمد بن أبي بكر رحمه الله قد استشهد، فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا، وعاملا كادحا وسيفا قاطعا، وركنا دافعا وقد كنت حثثت الناس على لحاقه. وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة، ودعوتهم سرا وجهرا، وعودا وبدءا، فمنهم الآتي كارها، ومنهم المعتل كاذبا، ومنهم القاعد خاذلا.
أسال الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا عاجلا، فوالله لولا طمعي عند لقائي عدوى في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية، لأحببت ألا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا، ولا التقى بهم أبدا.
* * * الشرح: انظر إلى الفصاحة كيف تعطى هذا الرجل قيادها وتملكه زمامها، واعجب لهذه الألفاظ المنصوبة، يتلو بعضها بعضا كيف تواتيه وتطاوعه، سلسه سهله، تتدفق من غير تعسف ولا تكلف، حتى انتهى إلى آخر الفصل فقال: (يوما واحدا، ولا التقى بهم أبدا)، وأنت وغيرك من الفصحاء إذا شرعوا في كتاب أو خطبة، جاءت القرائن والفواصل