الفصل الأول: فيما ورد من الاخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم، لا من كتب الشيعة ورجالهم، لأنا مشترطون على أنفسنا ألا نحفل بذلك، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبى بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في السقيفة وفدك وما وقع من الاختلاف والاضطراب عقب وفاة النبي صلى الله عليه وآله، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث كثير الأدب، ثقة ورع، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته.
قال أبو بكر: حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا حيان بن بشر، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق عن الزهري قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا. فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يحقن دماءهم ويسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك (1) فنزلوا (2) على مثل ذلك، وكانت للنبي صلى الله عليه وآله خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
قال أبو بكر: وروى محمد بن إسحاق أيضا، أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة، فقبل ذلك منهم، وكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وآله خالصة له لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
قال: وقد روى أنه صالحهم عليها كلها، الله إعلم أي الامرين كان.
قال: وكان مالك بن أنس يحدث عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه صالحهم على النصف فلم يزل الامر كذلك حتى أخرجهم عمر بن الخطاب وأجلاهم بعد أن عوضهم عن النصف الذي كان لهم عوضا من إبل وغيرها.