ثم استثنى قوما فاءوا، أي رجعوا عن نصره معاوية، وقد ذكرنا في اخبار صفين من فارق معاوية ورجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، أو فارقه واعتزل الطائفتين.
قوله: (حملتهم على الصعب) أي على الامر الشاق، والأصل في ذلك البعير المستصعب يركبه الانسان فيغرر بنفسه.
* * * (ذكر بعض ما دار بين على ومعاوية من الكتب) وأول هذا الكتاب: من عبد الله على أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان، اما بعد، فإن الدنيا دار تجاره، وربحها أو خسرها الآخرة، فالسعيد من كانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة، ومن رأى الدنيا بعينها، وقدرها بقدرها! وإني لأعظك مع علمي بسابق العلم فيك مما لا مرد له دون نفاذه، ولكن الله تعالى أخذ على العلماء إن يؤدوا الأمانة، وأن ينصحوا الغوي والرشيد، فاتق الله، ولا تكن ممن لا يرجو لله وقارا، ومن حقت عليه كلمة العذاب، فإن الله بالمرصاد. وإن دنياك ستدبر عنك، وستعود حسرة عليك، فاقلع عما أنت عليه من الغي والضلال، على كبر سنك، وفناء عمرك، فإن حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يصلح من جانب إلا فسد من آخر، وقد أرديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك... إلى آخر الكتاب.
قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني: فكتب إليه معاوية، من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب، أما بعد، فقد وقفت على كتابك، وقد أبيت على الفتن الا تماديا، وإني لعالم أن الذي يدعوك إلى ذلك مصرعك الذي