شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٥٥
ورث العلم والفضل وإلا لم يكن لهذا القول تعلق بالأول فليس بشئ يعول عليه لأنه لا يمتنع أن يريد به أنه ورث المال بالظاهر والعلم بهذا المعنى من الاستدلال فليس يجب إذا دلت الدلالة في بعض الألفاظ على معنى المجاز أن يقتصر (1) بها عليه بل يجب أن يحملها على الحقيقة التي هي الأصل إذا لم يمنع من ذلك مانع على أنه لا يمتنع أن يريد ميراث المال خاصة ثم يقول مع ذلك: (إنا علمنا منطق الطير) ويشير (الفضل المبين) إلى العلم والمال جميعا فله بالامرين جميعا فضل على من لم يكن عليهما وقوله: (وأوتينا من كل شئ) يحتمل المال كما يحتمل العلم فليس بخالص ما ظنه.
فأما قوله في قصة زكريا: إنه خاف على العلم أن يندرس لان الأنبياء وإن كانوا لا يحرصون على الأموال وأنما خاف أن يضيع العلم فسأل الله تعالى وليا يقوم بالدين مقامه فقد بينا أن الأنبياء وإن كانوا لا يحرصون على الأموال ولا يبخلون بها فإنهم يجتهدون في منع المفسدين من الانتفاع بها على الفساد ولا يعد ذلك بخلا ولا حرصا (2) بل فضلا ودينا وليس يجوز من زكريا أن يخاف على العلم الاندراس والضياع لأنه يعلم أن حكمة الله تعالى تقتضي حفظ العلم الذي هو الحجة على العباد وبه تنزاح عللهم في مصالحهم فكيف يخاف مالا يخاف من مثله!
فإن قيل: فهبوا أن الامر كما ذكرتم من أن زكريا كان يأمن على العلم أن يندرس أليس لابد أن يكون مجوزا أن (3) يحفظه الله تعالى بمن هو من أهله وأقاربه كما يجوز حفظه بغريب أجنبي! فما أنكرتم أن يكون خوفه إنما كان من بنى عمه ألا يتعلموا العلم ولا يقوموا فيه مقامه فسأل الله ولدا يجمع فيه هذه العلوم حتى لا يخرج العلم عن بيته ويتعدى إلى غير قومه فيلحقه بذلك وصمة!

(1) ا، الشافي: (يقتصرها) (2) ب: (بخلا وحرصا).
(3) الشافي (لان).
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268