شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٣٩
ومن أين أنه ورثه الأموال مع تجويز أن يكون ورثه العلم والحكمة؟ فإن قالوا: إطلاق الميراث لا يكون إلا في الأموال قيل لهم: إن كتاب الله يبطل قولكم لأنه قال: ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا﴾ (١) والكتاب ليس بمال ويقال في اللغة:
ما ورثت الأبناء عن الاباء شيئا أفضل من أدب حسن وقالوا: العلماء ورثة الأنبياء وإنما ورثوا منهم العلم دون المال على أن في آخر الآية ما يدل على ما قلناه وهو قوله تعالى حاكيا عنه: ﴿وقال يا أيها الناس علمنا أمنطق الطير وأوتينا من كل شئ أن هذا لهو الفضل المبين﴾ (٢) فنبه على أن الذي ورث هو هذا العلم وهذا الفضل وإلا لم يكن لهذا القول تعلق بالأول. فإن قالوا: فقد قال تعالى: ﴿فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب﴾ (3) وذلك يبطل الخبر! قيل لهم ليس في ذلك بيان المال أيضا وفي الآية ما يدل على أن المراد النبوة والعلم لان زكريا خاف على العلم أن يندرس وقوله: (وإني خفت الموالى من ورائي) يدل على ذلك لان الأنبياء لا تحرص على الأموال حرصا يتعلق خوفها بها وإنما أراد خوفه على العلم أن يضيع فسأل الله تعالى وليا يقوم بالدين مقامه. وقوله: (ويرث من آل يعقوب) يدل على أن المراد العلم والحكمة لأنه لا يرث أموال يعقوب في الحقيقة (4) وإنما يرث ذلك غيره قال: فأما من يقول: إن المراد: أنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، أي ما جعلناه صدقة في حال حياتنا لا نورثه فركيك من القول لان إجماع الصحابة يخالفه لان أحدا لم يتأوله على هذا الوجه لأنه لا يكون في ذلك تخصيص الأنبياء ولا مزية لهم ولأن قوله: (ما تركناه صدقة) جملة من الكلام مستقلة بنفسها كأنه

(١) سورة فاطر ٣٢.
(٢) سورة النمل ١٦.
(٣) سورة مريم ٥، 6.
(4) ب: (الحقيقة) تحريف صوابه من ا والشافي.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268