فدخل على سليمان بن عبد الملك يوما، فأنشده شعرا فخر فيه بآبائه، وقال من جملته:
تالله ما حملت من ناقة رجلا * مثلي إذا الريح لفتني على الكور (1) فقال سليمان: هذا المدح لي أم لك! قال: لي ولك يا أمير المؤمنين، فغضب سليمان وقال: قم فأتمم، ولا تنشد بعده إلا قائما فقال، الفرزدق: لا والله أو يسقط إلى الأرض أكثري شعرا. فقال سليمان: ويلي على الأحمق ابن الفاعلة! لا يكنى، وارتفع صوته، فسمع الضوضاء بالباب فقال سليمان: ما هذا؟ قيل بنو تميم على الباب، قالوا: لا ينشد الفرزدق قائما وأيدينا في مقابض سيوفنا، قال فلينشد قاعدا * * * (وفود الوليد بن جابر على معاوية) وروى أبو عبيد الله محمد بن بموسى بن عمران المرزباني، قال: كان الوليد بن جابر بن ظالم الطائي ممن وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم صحب عليا عليه السلام، وشهد معه صفين، وكان من رجاله المشهورين، ثم وفد على معاوية في الاستقامة (2) وكان معاوية لا يثبته (3)، معرفة، بعينه، فدخل عليه في جملة الناس، فلما انتهى إليه استنسبه، فانتسب له، فقال: أنت صاحب ليله الهرير؟ قال نعم: قال والله ما تخلو مسامعي من رجزك تلك الليلة، وقد علا صوتك أصوات الناس، وأنت تقول:
شدوا فداء لكم أمي وأب * فإنما الامر غدا لمن غلب هذا ابن عم المصطفى والمنتجب * تنمه للعلياء سادات العرب ليس ليس بموصوم إذا نص النسب * أول من صلى وصام واقترب.
قال: نعم، أنا قائلها. قال: فلماذا قلتها؟ قال لأنا كنا مع رجل لا نعلم خصلة