(39) الأصل: من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص:
فإنك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، فاتبعت أثره، وطلبت اتباع الكلب للضرغام يلوذ بمخالبه، وينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته.
فأذهبت دنياك وآخرتك، ولو بالحق أخذت أدركت ما طلبت فإن يمكن الله منك ومن ابن أبي سفيان أجزكما بما قدمتما، وإن تعجزا وتبقيا فما أمامكما شر لكما. والسلام * * * الشرح: كل ما قاله فيهما هو الحق الصريح بعينه، لم يحمله بغضه لهما، وغيظه منهما، إلى أن بالغ في ذمهما به، كما يبالغ الفصحاء عند سوره الغضب، وتدفق الألفاظ على الألسنة ولا ريب عند أحد من العقلاء ذوي الانصاف أن عمرا جعل دينه تبعا لدنيا معاوية، وأنه ما بايعه وتابعه إلا على جعالة جعلها له، وضمان تكفل له بإيصاله، وهي ولاية مصر مؤجلة، وقطعة وافرة من المال معجلة ولولديه وغلمانه ما ملا أعينهم.
فأما قوله عليه السلام في معاوية (ظاهر غيه)، فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه، وكل باغ غاو.