قلت: لان جهة (فوق) جهة نزول الرحمة، ومستقر الملائكة، ومكان العرش، والأنوار الشريفة، ولا سبيل له إليها، وأما من جهة (تحت) فلان الاتيان منها يوحش، وينفر عنه، لأنها الجهة المعروفة بالشياطين، فعدل عنها إلى ما هو أدعى إلى قبول وساوسه وأضاليله.
وقد فسر قوم المعنى الأول فقالوا: (من بين أيديهم)، من جهة الدنيا، و (من خلفهم). من جهة الآخرة، و (عن أيمانهم)، الحسنات، و (عن شمائلهم)، أي يحثهم على طلب الدنيا، ويؤيسهم من الآخرة، ويثبطهم عن الحسنات، ويغريهم بالسيئات.
قوله: (ليقتحم غفلته) أي ليلج ويهجم عليه وهو غافل، جعل اقتحامه إياه اقتحاما للغرة نفسها لما كانت غالبه عليه.
يستلب غرته، ليس المعنى باستلابه الغرة أن يرفعها ويأخذها لأنه لو كان كذلك لصار ذلك الغافل المغتر فاقدا للغفلة والغرة وكان لبيبا فطنا، فلا يبقى له سبيل عليه وإنما المعنى بقوله: (ويستلب غرته) ما يعنيه الناس بقولهم: أخذ فلان غفلتي وفعل كذا.
ومعنى أخذها هنا أخذ ما يستدل به على غفلتي.
وفلتة: أمر وقع من غير تثبت ولا رويه.
ونزغة: كلمة فاسدة، من نزغات الشيطان، أي من حركاته القبيحة التي يستفسد بها مكلفين، ولا يثبت بها نسب، ولا يستحق بها إرث لان المقر بالزنا لا يلحقه النسب، ولا يرثه المولود، لقوله صلى الله عليه وآله: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر).
* * * (نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه) فأما زياد فهو زياد بن عبيد، ومن الناس من يقول: عبيد بن فلان، وينسبه إلى