شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ١٣٠
توجب الخلافة، ولا فضيلة تصير إلى التقدمة، إلا وهي مجموعه له، كان أول الناس سلما وأكثرهم علما، وأرجحهم حلما، فأت الجياد فلا يشق غباره، يستولي على الأمد فلا يخاف عثاره، وأوضح منهج الهدى فلا يبيد مناره، وسلك القصد فلا تدرس آثاره، فلما ابتلانا الله تعالى بافتقاده، وحول الامر إلى من يشاء من عباده، دخلنا في جمله المسلمين فلم ننزع يدا عن طاعة، ولم نصدع صفاه جماعه، على أن لك منا ما ظهر، وقلوبنا بيد الله وهو أملك بها منك، فاقبل صفونا، وأعرض عن كدرنا، ولا تثر كوامن الأحقاد، فإن النار تقدح بالزناد. قال معاوية: وإنك لتهددني يا أخا طي بأوباش العراق أهل النفاق، ومعدن الشقاق! فقال: يا معاوية هم الذين أشرقوك بالريق وحبسوك في المضيق، وذادوك عن سنن الطريق، حتى لذت منهم بالمصاحف، ودعوت إليها من صدق بها وكذبت، وآمن بمنزلها وكفرت، وعرف من تأويلها ما أنكرت. فغضب معاوية وأدار طرفه فيمن حوله فإذا جلهم من مضر ونفر قليل من اليمن، فقال أيها الشقي الخائن، أنى لأخال أن هذا آخر كلام تفوه به - وكان عفير (1) بن سيف بن ذي يزن بباب معاوية حينئذ - فعرف موقف الطائي ومراد معاوية، فخافه عليه، فهجم عليهم الدار، وأقبل على اليمانية، فقال، شاهت الوجوه ذلا وقلا، وجدعا وفلا، كشم الله هذه الانف كشما (2) مرعبا. ثم التفت إلى معاوية، فقال: إني والله يا معاوية ما أقول قولي هذا حبا لأهل العراق، ولا جنوحا إليهم، ولكن الحفيظة تذهب الغضب لقد رأيتك بالأمس خاطبت أخا ربيعة يعنى - صعصعة بن صوحان وهو أعظم جرما عندك من هذا، وأنكأ (3) لقلبك، وأقدح في صفاتك، وأجد في عداوتك، وأشد انتصارا في حربك، ثم أثبته وسرحته، وأنت الان مجمع على قتل هذا - زعمت - استصغارا لجماعتنا! فإنا لا نمر ولا نحلي ولعمري لو وكلتك أبناء قحطان إلى قومك لكان جدك العاثر، وذكرك الداثر

(1) ا: (عفيرة).
(2) ب: (كثم) تحريف صوابه من ا، وكشم الانف: استأصله قطعا (3) كذا في ا. وفى ب: (وإذكاء).
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268