الأصل: ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية: وأرديت جيلا من الناس كثيرا، خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج، بحرك تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات، فجاروا عن وجهتهم، ونكصوا على أعقابهم، وتولوا على أدبارهم، وعولوا على أحسابهم، إلا من فاء من أهل البصائر، فإنهم فارقوك بعد معرفتك، وهربوا إلى الله من موازرتك، إذ حملتهم على الصعب، وعدلت بهم عن القصد.
فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك. فإن الدنيا منقطعة عنك والآخرة قريبة منك، والسلام.
* * * الشرح: أرديتهم: أهلكتهم وجيلا من الناس، أي صنفا من الناس. والغي: الضلال وجاروا: عدلوا عن القصد. ووجهتهم: بكسر الواو، يقال: هذا وجه الرأي، أي هو الرأي بنفسه، والاسم الوجه بالكسر ويجوز بالضم، قوله: (وعولوا على أحسابهم)، أي لم يعتمدوا على الدين، وأنما أردتهم الحمية ونخوة الجاهلية، فأخلدوا إليها وتركوا الدين، والإشارة إلى بنى أمية وخلفائهم الذين اتهموه عليه السلام بدم عثمان، فحاموا عن الحسب، ولم يأخذوا بموجب الشرع في تلك الواقعة