هذا العلم المخصوص إنما يستفاد من جهته ويوقف عليه باطلاعه وإعلامه وليس هو مما يجب نشره في جميع الناس فقد كان يجب إذا خاف من إلقائه إلى بعض الناس فسادا ألا يلقيه إليه فإن ذلك في يده ولا يحتاج إلى أكثر من ذلك (١).
قلت: لعاكس أن يعكس هذا على المرتضى رحمه الله حينئذ ويقول له: وقد كان يجب إذا خاف من أن يرث بنو عمه أمواله فينفقوها في الفساد أن يتصدق بها على الفقراء والمساكين فإن ذلك في يده فيحصل له ثواب الصدقة ويحصل له غرضه من حرمان أولئك المفسدين ميراثه.
قال المرتضى رضي الله عنه: ومما يدل على أن الأنبياء يورثون قوله تعالى: ﴿وورث سليمان داود﴾ (٢) والظاهر من إطلاق لفظة (الميراث) يقتضى الأموال وما في معناها ما دللنا به من قبل.
قال: ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: ﴿يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين...﴾ (3) الآية وقد أجمعت الأمة على عموم هذه اللفظة إلا من أخرجه الدليل فيجب أن يتمسك بعمومها لمكان هذه الدلالة ولا يخرج عن حكمها إلا من أخرجه دليل قاطع (1).
قلت: أما قوله تعالى: (وورث سليمان داود) فظاهرها يقتضى وراثة النبوة أو الملك أو العلم الذي قال في أول الآية: (ولقد آتينا داود وسليمان علما...) لأنه لا معنى لذكر ميراث سليمان المال فإن غيره من أولاد داود قد ورث أيضا أباه داود وفى كتب اليهود والنصارى أن بنى داود كانوا تسعه عشر وقد قال بعض المسلمين أيضا ذلك فأي معنى في تخصيص سليمان بالذكر إذا كان أرث المال! وأما: (يوصيكم الله في أولادكم) فالبحث في تخصيص ذلك بالخبر فرع من فروع مسألة خبر الواحد هل هو حجه في