والنبوة لم يكن للاشتراط معنى وكان لغوا وعبثا لأنه إذا كان إنما سأل من يقوم مقامه ويرث مكانه فقد دخل الرضا وما هو أعظم من الرضا في جملة كلامه وسؤاله، فلا مقتضى لاشتراطه ألا ترى أنه لا يحسن أن يقول: اللهم أبعث إلينا نبيا واجعله عاقلا (ومكلفا) (1) فإذا ثبتت هذه الجملة صح أن زكريا موروث ماله. وصح أيضا لصحتها أن نبينا صلى الله عليه وآله ممن يورث المال لان الاجماع واقع على أن حال نبينا ع لا يخالف حال الأنبياء المتقدمين في ميراث المال فمن مثبت للامرين وناف للامرين (2).
قلت: إن شيخنا أبا الحسين قال في كتاب،، الغرر،، صورة الخبر الوارد في هذا الباب وهو الذي رواه أبو بكر (لا نورث)، ولم يقل: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، فلا يلزم من كون زكريا يورث الطعن في الخبر. وتصفحت أنا كتب الصحاح في الحديث فوجدت صيغة الخبر كما قاله أبو الحسين وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنى نفسه خاصه بذلك فقد سقط احتجاج الشيعة بقصة زكريا وغيره من الأنبياء إلا أنه يبعد عندي أن يكون أراد نفسه خاصة لأنه لم تجر عادته أن يخبر عن نفسه في شئ بالنون.
فإن قلت: أيصح من المرتضى أن يوافق على أن صورة الخبر هكذا ثم يحتج بقصة زكريا بأن يقول: إذا ثبت أن زكريا موروث ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله يجوز أن يكون موروثا لاجماع الأمة على أن لا فرق بين الأنبياء كلهم في هذا الحكم!
قلت: وأن ثبت له هذا الاجماع صح احتجاجه ولكن ثبوته يبعد لان من نفى كون زكريا عليه السلام موروثا من الأمة أنما نفاه لاعتقاده أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (نحن معاشر الأنبياء) فإذا كان لم يقل هكذا لم يقل: إن زكريا عليه السلام غير موروث.