شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٤٣
قال المرتضى: ومما يقوى ما قدمناه أن زكريا عليه السلام خاف بنى عمه فطلب وارثا لأجل ولا يليق خوفه منهم إلا بالمال دون العلم والنبوة لأنه عليه السلام كان أعلم بالله تعالى من أن يخاف أن يبعث نبيا ليس بأهل للنبوة وأن يورث علمه وكمه من ليس أهلا لهما ولأنه إنما بعث لإذاعة العلم ونشره في الناس فلا يجوز أن يخاف من الامر الذي هو الغرض في البعثة (1). فإن (2) قيل: هذا يرجع عليكم في الخوف عن أرث المال لان ذلك غاية الضن والبخل. قلنا: معاذ الله أن يستوي الحال لان المال قد يصح أن يرزقه الله تعالى المؤمن والكافر والعدو والولي ولا يصح ذلك في النبوة وعلومها.
وليس من الضن أن يأسى على بنى عمه - وهم من أهل الفساد - أن يظفروا بماله فينفقوه على المعاصي ويصرفوه في غير وجوهه المحبوبة بل ذلك غاية الحكمة وحسن التدبير في الدين لان الدين يحظر تقوية الفساق وإمدادهم بما يعينهم على أفلا طرائقهم المذمومة وما يعد ذلك شحا ولا بخلا الا من لا تأمل له.
فإن قيل: أفلا (3) جاز أن يكون خاف من بنى عمه أن يرثوا علمه وهم من أهل الفساد على ما ادعيتم فيستفسدوا به الناس ويموهوا به عليهم؟ قلنا: لا يخلو هذا العلم الذي أشرتم إليه من أن يكون هو كتب علمه وصحف حكمته لان ذلك قد يسمى علما على طريق المجاز أو يكون هو العلم الذي يحل القلب. فإن كان الأول فهو يرجع إلى معنى المال ويصحح أن الأنبياء يورثون أموالهم وما في معناها وإن كان الثاني لم يخل هذا من أن يكون هو العلم الذي بعث النبي لنشره وأدائه أو أن يكون علما مخصوصا لا يتعلق بالشريعة ولا يجب اطلاع جميع الأمة عليه كعلم العواقب وما يجرى في مستقبل الأوقات وما جرى مجرى ذلك. والقسم الأول لا يجوز على النبي أن يخاف من وصوله إلى بنى عمه وهم من جمله أمته الذين بعث لاطلاعهم على ذلك وتأديته إليهم وكأنه على هذا الوجه يخاف مما هو الغرض من بعثته. والقسم الثاني فاسد أيضا لان

(1) ا والشافي: (بعثته).
(2) د: (قال فإن قيل).
(3) ا، د: (فألا).
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268