فلو أن شاهدين شهدا في التركة أن فيها حقا أليس كان يجب أن يصرف ذلك عن الإرث!
فعلمه بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله مع شهادة غيره أقوى ولسنا نجعله مدعيا لأنه لم يدع ذلك لنفسه وإنما بين أنه ليس بميراث وأنه صدقة ولا يمتنع تخصيص القرآن بذلك كما يخص في العبد والقاتل وغيرهما وليس ذلك بنقص في الأنبياء بل هو إجلال لهم يرفع الله به قدرهم عن أن يورثوا المال وصار ذلك من أوكد الدواعي ألا يتشاغلوا بجمعه لان أحد الدواعي القوية إلى ذلك تركه على الأولاد والأهلين ولما سمعت فاطمة عليه السلام ذلك من أبى بكر كفت عن الطلب فيما ثبت من الأخبار الصحيحة فلا يمتنع أن تكون غير عارفة بذلك فطلبت الإرث فلما روى لها ما روى كفت فأصابت أولا وأصابت ثانيا.
وليس لأحد أن يقول كيف يجوز أن يبين النبي صلى الله عليه وآله ذلك للقوم ولا حق لهم في الإرث ويدع أن يبين ذلك لمن له حق في الإرث مع أن التكليف يتصل به وذلك لان التكليف في ذلك يتعلق بالامام فإذا بين له جاز ألا يبين لغيره ويصير البيان له بيانا لغيره وأن لم يسمعه من الرسول لان هذا الجنس من البيان يجب أن يكون بحسب المصلحة.
قال: ثم حكى عن أبي على أنه قال: أتعلمون كذب أبى بكر في هذه الرواية أم تجوزون أن يكون صادقا (١)؟ قال: وقد علم أنه لا شئ يقطع به على كذبه فلا بد من تجويز كونه صادقا وإذا صح ذلك قيل لهم: فهل كان يحل له مخالفة الرسول؟
فإن قالوا: لو كان صدقا لظهر واشتهر قيل لهم: إن ذلك من باب العمل ولا يمتنع أن ينفرد بروايته جماعة يسيرة بل الواحد والاثنان مثل سائر الأحكام ومثل الشهادات فإن قالوا نعلم أنه لا يصح لقوله تعالى في كتابه: ﴿وورث سليمان داود﴾ (2). قيل لهم: