ولا ارتيابا فيه، ولكنه حمية الشيطان، وأمر وكلت فيه إلى نفسي وإني أتوب إلى الله وإلى رسوله مما عملت، وأخرج ديته وأصوم شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأطعم ستين مسكينا، إني أتوب إلى الله يا رسول الله! وجعل يمسك بركاب رسول الله صلى الله عليه وآله وبنو المجذر حضور، لا يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا، حتى إذا استوعب كلامه قال: قدمه يا عويم فاضرب عنقه. وركب رسول الله صلى الله عليه وآله فقدمه عويم بن ساعدة على باب المسجد، فضرب عنقه.
قال الواقدي: ويقال: أن الذي أعلم رسول الله قتل الحارث المجذر يوم أحد حبيب بن يساف، نظر إليه حين قتله، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله، فأخبره، فركب رسول الله صلى الله عليه وآله يتفحص عن هذا الامر، فبينا هو على حماره نزل جبرائيل عليه السلام، فخبره بذلك، فامر رسول الله صلى الله عليه وآله عويما فضرب عنقه، ففي ذلك قال حسان:
يا حار في سنة من نوم أولكم * أم كنت ويحك مغترا بجبريل (1).
فأما البلاذري فإنه ذكر هذا، وقال: ويقال: إن الجلاس بن سويد بن الصامت هو الذي قتل المجذر يوم أحد غيلة، إلا أن شعر حسان يدل على أنه الحارث (2).
قال الواقدي والبلاذري: وكان سويد بن الصامت حين ضربه المجذر بقي قليلا ثم مات، فقال قبل أن يموت يخاطب أولاده:
أبلغ جلاسا وعبد الله مألكة * وإن دعيت فلا تخذلهما حار