وأقسم: لئن وجده بعدها يمشى في أرض المدينة وما حولها ليقتلنه. وخرج عثمان فجهزه واشترى له بعيرا، ثم قال: ارتحل. وسار رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حمراء الأسد وأقام معاوية إلى اليوم الثالث ليعرف أخبار النبي صلى الله عليه وآله، ويأتي بها قريشا، فلما كان في اليوم الرابع قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن معاوية أصبح قريبا لم ينفذ، فاطلبوه. فأصابوه وقد أخطأ الطريق، فأدركوه، وكان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر، فوجداه بالجماء (1) فضربه زيد بالسيف، وقال عمار: إن لي فيه حقا، فرمياه بسهم فقتلاه، ثم انصرفا إلى المدينة بخبره، ويقال: إنه أدرك على ثمانية أميال من المدينة، فلم يزل زيد وعمار يرميانه بالنبل حتى مات.
قال: ومعاوية هذا أبو عائشة بنت معاوية أم عبد الملك بن مروان.
قال: وذكر الواقدي في كتابه مثل هذه الرواية سواء.
قال البلاذري: وقال ابن الكلبي: إن معاوية بن المغيرة جدع أنف حمزة يوم أحد وهو قتيل، فأخذ بقرب أحد، فقتل على أحد بعد انصراف قريش بثلاث، ولا عقب له إلا عائشة أم عبد الملك بن مروان. قال: ويقال إن عليا عليه السلام هو الذي قتل معاوية بن المغيرة (2).
قلت: ورواية ابن الكلبي عندي أصح، لان هزيمة المشركين كانت في الصدمة الأولى عقيب قتل بنى عبد الدار أصحاب الألوية، وكان قتل حمزة بعد ذلك لما كر خالد بن الوليد الخيل من وراء المسلمين، فاختلطوا وانتقض صفهم، وقتل بعضهم بعضا، فكيف يصح أن يجتمع لمعاوية كونه قد جدع أنف حمزة، وكونه قد انهزم مع المشركين في الصدمة الأولى! هذا متناقض، لأنه إذا كان قد انهزم في أول الحرب استحال أن يكون