وقد صفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما نظر إليهم والجراح فيهم فاشية، قال: اللهم ارحم بنى سلمة.
قال الواقدي: وحدثني عتبة بن جبيرة عن رجال [من] (1) قومه، أن عبد الله بن سهل ورافع بن سهل من بنى عبد الأشهل رجعا من أحد وبهما جراح كثيرة وعبد الله أثقلهما جرحا، فلما أصبحا وجاء سعد بن معاذ قومه يخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرهم بطلب العدو، قال أحدهما لصاحبه: والله إن تركنا غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لغبن، والله ما عندنا دابة نركبها، ولا ندري كيف نصنع! قال عبد الله انطلق بنا. قال رافع: لا والله ما بي مشي، قال أخوه: انطلق بنا نقصد ونجوز، وخرجا يزحفان، فضعف رافع فكان عبد الله يحمله على ظهره عقبة، ويمشي الاخر عقبة، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العشاء وهم يوقدون النيران، فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى حرسه تلك الليلة عباد بن بشر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما: ما حبسكما؟ فأخبراه بعلتهما فدعا لهما بخير، وقال: إن طالت لكما مدة كانت لكما مراكب من خيل وبغال وإبل، وليس ذلك بخير لكما.
قال الواقدي: وقال جابر بن عبد الله: يا رسول الله، إن مناديا نادى ألا يخرج معنا إلا من حضر القتال بالأمس، وقد كنت حريصا بالأمس على الحضور، ولكن أبي خلفني على أخوات لي، وقال: يا بنى لا ينبغي لك أن تدعهن ولا رجل معهن، وأخاف عليهن، وهن نسيات ضعاف، وأنا خارج مع رسول الله صلى الله عليه وآله لعل الله يرزقني الشهادة، فتخلفت عليهن فاستأثر على بالشهادة، وكنت رجوتها فأذن لي يا رسول الله أن أسير معك. فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله. قال جابر: فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيري، واستأذنه رجال لم يحضروا القتال. فأبى ذلك