شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٢٣٦
إنما تنال بالوراثة، وتستحق بالعمومة، وتستوجب بحق العصبة، فليس لهم أيضا فيها دعوى. وإن كانت لا تنال إلا بالسوابق والأعمال والجهاد، فليس لهم في ذلك قدم مذكور، ولا يوم مشهور، بل كانوا إذ لم تكن لهم سابقة، ولم يكن فيهم ما يستحقون به الخلافة، ولم يكن فيهم ما يمنعهم منها أشد المنع، لكان أهون ولكان الامر عليهم أيسر، قد عرفنا كيف كان أبو سفيان في عداوة النبي صلى الله عليه وآله وفي محاربته له، وإجلابه عليه وغزوه إياه، وعرفنا إسلامه حيث أسلم، وإخلاصه كيف أخلص، ومعنى كلمته يوم الفتح حين رأى الجنود، وكلامه يوم حنين، وقوله يوم صعد بلال على الكعبة، فأذن. على أنه إنما أسلم على يدي العباس رحمه الله، والعباس هو الذي منع الناس من قتله، وجاء به رديفا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وسأله فيه أن يشرفه وأن يكرمه وينوه به، وتلك يد بيضاء، ونعمة غراء، ومقام مشهود، ويوم حنين غير مجحود، فكان جزاء بني هاشم من بنيه أن حاربوا عليا، وسموا الحسن، وقتلوا الحسين، وحملوا النساء على الأقتاب حواسر (1)، وكشفوا عن عورة علي بن الحسين حين أشكل عليهم بلوغه كما يصنع بذراري المشركين إذا دخلت دورهم عنوة، وبعث معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن، فقتل ابني عبيد الله بن العباس، وهما غلامان لم يبلغا الحلم، وقتل عبيد الله بن زياد يوم الطف تسعة من صلب علي عليه السلام، وسبعة من صلب عقيل، ولذلك قال ناعيهم:
عين جودي بعبرة وعويل * واندبي إن ندبت آل الرسول تسعة كلهم لصلب علي * قد أصيبوا وسبعة لعقيل ثم إن أمية تزعم أن عقيلا أعان معاوية على علي عليه السلام، فإن كانوا كاذبين فما أولاهم بالكذب! وإن كانوا صادقين فما جازوا عقيلا بما صنع! وضرب عنق مسلم

(1) حواسر: كواشف.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285