والقتيل الذي بنجران أمسى * ثاويا بين غربة وتناس وقد علمتم حال مروان أبيكم وضعفه، وأنه كان رجلا لا فقه له، ولا يعرف بالزهد ولا الصلاح، ولا برواية الآثار، ولا بصحبة ولا ببعد همة، وإنما ولي رستاقا من رساتيق دار بجرد لابن عامر، ثم ولي البحرين لمعاوية، وقد كان جمع أصحابه ومن تابعه ليبايع ابن الزبير حتى رده عبيد الله بن زياد، وقال يوم مرج راهط، والرؤوس تندر (1) عن كواهلها في طاعته:
وما ضرهم غير حين النفوس * وأي غلامي قريش غلب هذا قول من لا يستحق أن يلي ربعا من الأرباع، ولا خمسا من الأخماس، وهو أحد من قتلته النساء لكلمة كان حتفه فيها.
وأما أبوه الحكم بن العاص فهو طريد رسول الله صلى الله عليه وآله ولعينه والمتخلج في مشيته، الحاكي لرسول الله صلى الله عليه وآله، والمستمع عليه ساعة خلوته، ثم صار طريدا لأبي بكر وعمر، امتنعا عن إعادته إلى المدينة، ولم يقبلا شفاعة عثمان، فلما ولي أدخله، فكان أعظم الناس شؤما عليه، ومن أكبر الحجج في قتله وخلعه من الخلافة، فعبد الملك أبو هؤلاء الملوك الذين تفتخر الأموية بهم، أعرق الناس في الكفر لان أحد أبويه الحكم هذا، والاخر من قبل أمه معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، كان النبي صلى الله عليه وآله طرده من المدينة، وأجله ثلاثا، فحيره الله تعالى حين خرج، وبقي مترددا متلددا حولها لا يهتدي لسبيله، حتى أرسل في أثره عليا عليه السلام وعمارا، فقتلاه، فأنتم أعرق الناس في الكفر، ونحن أعرق الناس في الايمان، ولا يكون أمير المؤمنين إلا أولاهم بالايمان، وأقدمهم فيه.
قال أبو عثمان: وتفخر هاشم بأن أحدا لم يجد تسعين عاما لا طواعين فيها إلا منذ ملكوا، قالوا: لو لم يكن من بركة دعوتنا إلا أن تعذيب الامراء بعمال الخراج