إلا منعوه، وأخذوا له بحقه، وكان حلفهم في دار عبد الله بن جدعان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به اليوم لأجبت، لا يزيده الاسلام إلا شدة ".
قال الزبير: كان رجل من بني أسد قد قدم مكة معتمرا ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي، فآواها إلى بيته، ثم تغيب، فابتغى الأسدي (1) متاعه فلم يقدر عليه، فجاء إلى بني سهم يستعديهم، عليه فأغلظوا له، فعرف أن لا سبيل له إلى ماله، وطوف في قبائل قريش يستنفر بهم، فتخاذلت القبائل عنه، فلما رأى ذلك أشرف على أبي قبيس حين أخذت قريش مجالسها، ونادى بأعلى صوته:
يا للرجال لمظلوم بضاعته * ببطن مكة نائي الأهل والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته * يا آل فهر وبين الحجر والحجر (2) هل منصف من بنى سهم فمرتجع * ما غيبوا أم حلال مال معتمر (3)!
فأعظمت ذلك قريش، وتكلموا فيه، فقال المطيبون: والله إن قمنا في هذا ليغضبن الاحلاف، وقالت الاحلاف: والله إن قمنا في هذا ليغضبن المطيبون، فقالت قبائل من قريش: هلموا فلنحتلف حلفا جديدا، لننصرن المظلوم على الظالم ما بل بحر صوفة، فاجتمعت هاشم والمطلب وأسد وتيم وزهرة في دار عبد الله بن جدعان ورسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ معهم وهو شاب ابن خمس وعشرين سنة لم يوح إليه بعد، فتحالفوا ألا يظلم بمكة غريب ولا قريب ولا حر ولا عبد إلا كانوا معه حتى يأخذوا له بحقه، ويردوا إليه مظلمته من أنفسهم ومن غيرهم، ثم عمدوا إلى ماء زمزم فجعلوه في جفنة، ثم بعثوا به إلى البيت، فغسلوا به أركانه، ثم جمعوه وأتوهم به فشربوه، ثم انطلقوا إلى العاص بن وائل