فخرجا متقلدين سيفيهما، وخرج التميمي معهما، فقالا له: إنا إذا أجرنا رجلا لم نمش أمامه، فامش أمامنا ترمقك أبصارنا كي لا تختلس من خلفنا. فجعل التميمي يشق مكة حتى دخل المسجد، فلما بصر به حرب قال: وإنك لهاهنا! وسبق إليه فلطمه، وصاح الزبير: ثكلتك أمك! أتلطمه وقد أجرته! فثنى عليه حرب فلطمه ثانية، فانتضى الزبير سيفه، فحمل على حرب بين يديه، وسعى الزبير خلفه فلم يرجع عنه حتى هجم حرب على عبد المطلب داره، فقال: ما شأنك؟ قال: الزبير، قال: اجلس، وكفأ عليه إناء كان هاشم يهشم فيه الثريد، واجتمع الناس، وانضم بنو عبد المطلب إلى الزبير، ووقفوا على باب أبيهم بأيديهم سيوفهم، فأزر عبد المطلب حربا بإزار كان له، ورداه برداء له طرفان، وأخرجه إليهم، فعلموا أن أباهم قد أجاره.
وأما معنى قوله: " أم بأمية الذي ملكناه! "، فإن عبد المطلب راهن أمية بن عبد شمس على فرسين، وجعل الخطر ممن سبقت فرسه مائة من الإبل وعشرة أعبد وعشر إماء واستعباد سنة، وجز الناصية. فسبق فرس عبد المطلب فأخذ الخطر فقسمه في قريش، وأراد جز ناصيته، فقال: أو أفتدي منك باستعباد عشر سنين! ففعل، فكان أمية بعد في حشم عبد المطلب وعضاريطه (1) عشر سنين.
وأما قوله: " أم بعبد شمس الذي كفلناه! " فإن عبد شمس كان مملقا لا مال له، فكان أخوه هاشم يكفله ويمونه إلى أن مات هاشم.
وفي كتاب " الأغاني " لأبي الفرج أن معاوية قال لدغفل (2) النسابة: أرأيت عبد المطلب؟ قال: نعم، قال: كيف رأيته؟ قال: رأيته رجلا نبيلا جميلا وضيئا، كان على