مروان كالمنصور لان المنصور ملك البلاد ودوخ الأقطار، وضبط الأطراف اثنتين وعشرين سنة، وكانت خلافة مروان على خلاف ذلك كله، وإنما بقي في الخلافة تسعة أشهر حتى قتلته امرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية حين قال لابنها خالد من بعلها الأول: يا بن الرطبة. ولئن كان مروان مستوجبا لاسم الخلافة مع قلة الأيام وكثرة الاختلاف واضطراب البلدان فضلا عن الأطراف، فابن الزبير أولى بذلك منه، فقد كان ملك الأرض إلا بعض الأردن، ولكن سلطان عبد الملك وأولاده لما اتصل بسلطان مروان اتصل عند القوم ما انقطع منه وأخفى موضع الوهن عند من لا علم له، وسنو المهدي كانت سني سلامة، وما زال عبد الملك في انتقاض وانتكاث، ولم يكن ملك يزيد كملك هارون، ولا ملك الوليد كملك المعتصم.
قلت: رحم الله أبا عثمان! لو كان اليوم لعد من خلفاء بني هاشم تسعة في نسق:
المستعصم بن المستنصر بن الطاهر بن المستضئ بن المستنجد بن المقتفى بن المستظهر بن المقتدر.
والطالبيون بمصر يعدون عشرة في نسق: الامر بن المستعلى بن المستنصر بن الطاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعتز بن المنصور بن القائم بن المهدي.
قال أبو عثمان: وتفخر عليهم بنو هاشم بأن سني ملكهم أكثر، ومدته أطول، فإنه قد بلغت مدة ملكهم إلى اليوم أربعا وتسعين سنة. ويفخرون أيضا عليهم بأنهم ملكوا بالميراث وبحق العصبة والعمومة، وأن ملكهم في مغرس نبوة، وأن أسبابهم غير أسباب بني مروان، بل ليس لبني مروان فيها سبب، ولا بينهم وبينها نسب، إلا أن يقولوا: إنا من قريش فيساووا في هذا الاسم قريش الظواهر، لان رواية الراوي: " الأئمة من قريش " واقعة على كل قرشي، وأسباب الخلافة معروفة، وما يدعيه كل جيل معلوم، وإلى كل ذلك قد ذهب الناس، فمنهم من ادعاه لعلي عليه السلام لاجتماع القرابة والسابقة والوصية، فإن كان الامر كذلك فليس لآل أبي سفيان وآل مروان فيها دعوى، وإن كانت