قالوا: خطبنا عبد الله بن عباس خطبة بمكة أيام حصار عثمان لو شهدها الترك والديلم لأسلموا.
وفي عبد الله بن العباس يقول حسان بن ثابت:
إذا قال لم يترك مقالا لقائل * بملتقطات لا ترى بينها فضلا شفى وكفى ما في النفوس فلم يدع * لذي إربة في القول جدا ولا هزلا وهو البحر، وهو الحبر، وكان عمر يقول له في حداثته عند إجالة الرأي: غص يا غواص (1)، وكان يقدمه على جلة السلف.
قلت: أبى أبو عثمان إلا إعراضا عن علي عليه السلام، هلا قال فيه كما قال في عبد الله! فلعمري لو أراد لوجد مجالا، ولألفى قولا وسيعا، وهل تعلم الناس الخطب والعهود والفصاحة إلا من كلام علي عليه السلام! وهل أخذ عبد الله رحمه الله الفقه وتفسير القرآن إلا عنه! فرحم الله أبا عثمان، لقد غلبت البصرة وطينتها على إصابة رأيه!
قال أبو عثمان: وإن كان الفخر في البسالة والنجدة وقتل الاقران وجزر الفرسان، فمن كحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب! وكان الأحنف إذا ذكر حمزة قال:
أكيس، وكان لا يرضى أن يقول: شجاع، لان العرب كانت تجعل ذلك أربع طبقات، فتقول: شجاع، فإذا كان فوق ذلك قالت: بطل، فإذا كان فوق ذلك قالت:
بهمة، فإذا كان فوق ذلك قالت: أكيس. وقال العجاج:
* أكيس عن حوبائه سخي * وهل أكثر ما يعد الناس من جرحاهما وصرعاهما إلا سادتكم وأعلامكم! قتل حمزة وعلي عليه السلام عتبة والوليد، وقتلا شيبة أيضا، شركا عبيدة بن الحارث فيه، وقتل علي عليه السلام حنظلة بن أبي سفيان، فأما آباء ملوككم من بني مروان فإنهم كما قال