وبشرت به المسلمين حيا سويا، عرفت عينيه من تحت المغفر، فناديت يا معشر الأنصار أبشروا، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله، فأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن اصمت. قال: ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله بكعب، فلبس لامته، وألبس كعبا لامة نفسه، وقاتل كعب قتالا شديدا، جرح سبعة عشر جرحا.
قال الواقدي: وحدثني ابن أبي سبرة عن خالد بن رباح، عن الأعرج، قال:
لما صاح الشيطان أن محمدا قد قتل، قال أبو سفيان بن حرب: يا معشر قريش، أيكم قتل محمدا قال ابن قميئة: أنا قتلته. قال: نسورك (1) كما تفعل الأعاجم بأبطالها. وجعل أبو سفيان يطوف بأبي عامر الفاسق في المعركة، هل يرى محمدا بين القتلى فمر بخارجة بن زيد بن أبي زهير، فقال: يا أبا سفيان، هل تدرى من هذا قال: لا، قال:
هذا خارجة بن زيد، هذا أسيد بنى الحارث بن الخزرج، ومر بعباس بن عبادة بن نضلة إلى جنبه، قال: أتعرفه قال: لا، قال: هذا ابن قوقل، هذا الشريف في بيت الشرف، ثم مر بذكوان بن عبد قيس، فقال: وهذا من ساداتهم، ثم مر بابنه حنظلة بن أبي عامر، فوقف عليه، فقال أبو سفيان: من هذا قال: هذا أعز من هاهنا على، هذا ابني حنظلة. قال أبو سفيان: ما نرى مصرع محمد، ولو كان قتل لرأيناه، كذب ابن قميئة. ولقى خالد بن الوليد، فقال: هل تبين عندك قتل محمد قال: لا، رأيته أقبل في نفر من أصحابه مصعدين في الجبل، فقال أبو سفيان: هذا حق، كذب ابن قميئة، زعم أنه قتله.
قلت قرأت على النقيب أبى يزيد رحمه الله هذه الغزاة من كتاب الواقدي، وقلت له كيف جرى لهؤلاء في هذه الوقعة فإني أستعظم ما جرى فقال وما في ذلك مما تستعظمه حمل قلب المسلمين من بعد قتل أصحاب الألوية على قلب المشركين، فكسره