وتركوا ما انتهبوا، وأجلوا عن عسكرنا، فارتجعنا بعد، لم نفقد منه شيئا، وخلوا أسرانا، ووجدنا الذهب في المعركة، ولقد رأيت يومئذ رجلا من المسلمين ضم صفوان بن أمية إليه ضمه ظننت أنه سيموت، حتى أدركته وبه رمق، فوجأت (1) ذلك المسلم بخنجر معي، فوقع، فسألت عنه، فقيل رجل من بنى ساعدة. ثم هداني الله بعد للاسلام.
قال الواقدي: فحدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله، عن عمر بن الحكم، قال: ما علمنا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين أغاروا على النهب فأخذوا ما أخذوا من الذهب بقي معه من ذلك شئ يرجع به حيث غشينا المشركون، واختلفوا إلا رجلين أحدهما عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، جاء بمنطقة وجدها في العسكر، فيها خمسون دينارا فشدها على حقويه من تحت ثيابه، وجاء عباد بن بشر بصرة فيها ثلاثة عشر مثقالا ألقاها في جيب قميصه، وفوقها الدرع وقد حزم وسطه، فأتيا بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يخمسه ونفلهما إياه.
قال الواقدي: وروى يعقوب بن أبي صعصعة، عن موسى بن ضمرة، عن أبيه، قال: لما صاح الشيطان أزب (2) العقبة، أن محمدا قد قتل لما أراد الله عز وجل من ذلك، سقط في أيدي المسلمين، وتفرقوا في كل وجه، واصعدوا في الجبل، فكان أول من بشرهم بكون رسول الله صلى الله عليه وآله سالما كعب بن مالك. قال كعب عرفته، فجعلت أصيح هذا رسول الله وهو يشير إلى بإصبعه على فيه أن اسكت.
قال الواقدي: وروت عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيها، قالت قال أبى: لما انكشف الناس كنت أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وآله