وقال الراوندي: المراد بدار الهجرة هاهنا الكوفة التي ها جر أمير المؤمنين عليه السلام إليها، وليس بصحيح، بل المراد المدينة، وسياق الكلام يقتضى ذلك، ولأنه كان حين كتب هذا الكتاب إلى أهل الكوفة بعيدا عنهم، فكيف يكتب إليهم يخبرهم عن أنفسهم.
* * * [أخبار على عند مسيره إلى البصرة، ورسله إلى أهل الكوفة] وروى محمد بن إسحاق عن عمه عبد الرحمن بن يسار القرشي، قال: لما نزل علي عليه السلام الربذة متوجها إلى البصرة بعث إلى الكوفة محمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن أبي بكر الصديق، وكتب إليهم هذا الكتاب، وزاد في آخره:
فحسبي بكم إخوانا، وللدين أنصارا، ف ﴿انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ (1) وروى أبو مخنف، قال: حدثني الصقعب، قال: سمعت عبد الله بن جنادة يحدث أن عليا عليه السلام لما نزل الربذة بعث هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى أبي موسى الأشعري، وهو الأمير يومئذ على الكوفة، لينفر إليه الناس، وكتب إليه معه من عبد الله على أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد، فإني قد بعثت إليك هاشم بن عتبة لتشخص إلى من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي، وقتلوا شيعتي، وأحدثوا في الاسلام هذا الحدث العظيم، فأشخص بالناس إلى معه حين يقدم عليك، فإني لم أو لك المصر الذي أنت فيه، ولم أقرك عليه إلا لتكون من أعواني على الحق، وأنصاري على هذا الامر، والسلام.