شيئا وتفاقم الامر حتى قتل، ولا يجب بعد القتل إلا القصاص، فإذا امتنع أولياء الدم من طاعة الامام لم يجب عليه أن يقص من القاتلين، لان القصاص حقهم، وقد سقط ببغيهم على الامام وخروجهم عن طاعته، وقد قلنا نحن فيما تقدم: إن القصاص إنما يجب على من باشر القتل، والذين باشروا قتل عثمان قتلوا يوم قتل عثمان في دار عثمان، والذين كان معاوية يطالبهم بدم عثمان لم يباشروا القتل، وإنما كثروا السواد وحصروه عثمان في الدار، وأجلبوا عليه وشتموه وتوعدوه، ومنهم من تسور عليه داره ولم ينزل إليه، ومنهم من نزل فحضر محضر قتله ولم يشرك فيه، وكل هؤلاء لا يجب عليهم القصاص في الشرع.
* * * [جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية] وقد ذكرنا فيما تقدم شرح حال جرير بن عبد الله البجلي في إرسال علي عليه السلام إياه إلى معاوية مستقصى. وذكر الزبير بن بكار في الموفقيات أن عليا عليه السلام لما بعث جريرا إلى معاوية، خرج وهو لا يرى أحدا قد سبقه إليه، قال: فقدمت على معاوية فوجدته يخطب الناس وهم حوله يبكون حول قميص عثمان وهو معلق على رمح مخضوب بالدم، وعليه أصابع زوجته نائلة بنت الفرافصة مقطوعة، فدفعت إليه كتاب علي عليه السلام، وكان معي في الطريق رجل يسير بسيري، ويقيم بمقامي، فمثل بين يديه في تلك الحال وأنشده إن بنى عمك عبد المطلب * هم قتلوا شيخكم غير كذب * وأنت أولى الناس بالوثب فثب *.
وقد ذكرنا تمام هذه الأبيات فيما تقدم.