فردوهم وسجنوهم، فافتتن منهم ناس، وكان الذين افتتنوا إنما افتتنوا حين أصابهم البلاء فأنزل الله تعالى فيهم ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله...﴾ (1) الآية وما بعدها فكتب بها المهاجرون بالمدينة إلى من كان بمكة مسلما، فلما جاءهم الكتاب بما أنزل فيهم، قالوا اللهم إن لك علينا إن أفلتنا ألا نعدل بك أحدا، فخرجوا الثانية، فطلبهم أبو سفيان والمشركون، فأعجزوهم هربا في الجبال، حتى قدموا المدينة، واشتد البلاء على من ردوا من المسلمين، فضربوهم وآذوهم وأكرهوهم على ترك الاسلام، ورجع ابن أبي سرح مشركا، فقال لقريش ما كان يعلم محمدا إلا ابن قمطة (2)، عبد نصراني، لقد أكتب له فأحول ما أردت، فأنزل الله تعالى (ولقد نعلم إنهم يقولون إنما يعلمه بشر (3)...) الآية (4).
القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين أختلف المسلمون في ذلك، فقال الجمهور منهم نزلت الملائكة حقيقة، كما ينزل الحيوان والحجر من الموضع العالي إلى الموضع السافل.
وقال قوم من أصحاب المعاني غير ذلك.
واختلف أرباب القول الأول، فقال الأكثرون نزلت وحاربت، وقال قوم منهم:
نزلت ولم تحارب، وروى كل قوم في نصرة قولهم روايات.
فقال الواقدي في كتاب المغازي حدثني عمر بن عقبة، عن شعبة مولى ابن عباس، قال: سمعت ابن عباس يقول: لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى