شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٤٦
قلت: ثم ماذا قال: لم يزل المسلمون يحامون عن رسول الله صلى الله عليه وآله، والمشركون يتكاثرون عليهم، ويقتلون فيهم حتى لم يبق من النهار إلا القليل، والدولة للمشركين.
قلت: ثم ماذا قال: ثم علم الذين بقوا من المسلمين إنه لا طاقة لهم بالمشركين، فأصعدوا في الجبل فاعتصموا به.
فقلت له: فرسول الله صلى الله عليه وآله ما الذي صنع فقال: صعد في الجبال.
قلت له: أفيجوز أن يقال إنه فر فقال: إنما يكون الفرار ممن أمعن في الهرب في الصحراء والبيداء، فأما من الجبل مطل عليه وهو في سفحه، فلما رأى ما لا يعجبه أصعد في الجبل، فإنه لا يسمى. فارا ثم سكت رحمه الله ساعة، ثم قال: هكذا وقعت الحال، فان شئت أن تسمى ذلك فرارا فسمه، فقد خرج من مكة يوم الهجرة فارا من المشركين، ولا وصمة عليه في ذلك.
فقلت له قد روى الواقدي عن بعض الصحابة، قال: لم يبرح رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك اليوم شبرا واحدا، حتى تحاجزت الفئتان فقال دع صاحب هذه الرواية فليقل ما شاء، فالصحيح ما ذكرته لك، ثم قال: كيف يقال لم يزل واقفا حتى تحاجزت الفئتان وإنما تحاجزا بعد أن ناداه أبو سفيان، وهو في أعلى الجبل بما ناداه، فلما عرف إنه حي وإنه في أعلى الجبل، وإن الخيل لا تستطيع الصعود إليه، وأن القوم إن صعدوا إليه رجاله لم يثقوا بالظفر به، لان معه أكثر أصحابه وهم مستميتون إن صعد القوم إليهم، وإنهم لا يقتلون منهم واحدا حتى يقتلوا منهم اثنين أو ثلاثة، لأنهم لا سبيل لهم إلى الهرب، لكونهم محصورين في ذرو واحد، فالرجل منهم يحامى عن خيط رقبته - كفوا عن الصعود وقنعوا بما وصلوا إليه من قتل من قتلوه في الحرب، وأملوا
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213