شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٤١
قال الواقدي: فروى رافع، قال: أتينا من قبل أنفسنا، ومعصية نبينا، واختلط المسلمون، وصاروا يقتلون ويضرب بعضهم بعضا، وما يشعرون بما يصنعون من الدهش والعجل، وقد جرح يومئذ أسيد بن حضير جرحين، ضربه أحدهما أبو بردة بن نيار، وما يدرى، يقول خذها وأنا الغلام الأنصاري، وكر أبو زعنة في حومة القتال، فضرب أبا بردة ضربتين، ما يشعر أنه هو يقول خذها وأنا أبو زعنة، حتى عرفه بعد، فكان إذا لقيه قال: انظر ما صنعت بي، فيقول أبو زعنة: وأنت فقد ضربت أسيد بن حضير ولا تشعر ولكن هذا الجرح في سبيل الله، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله، فقال هو في سبيل الله يا أبا بردة، لك أجره، حتى كأنك ضربك أحد المشركين، ومن قتل فهو شهيد.
قال الواقدي: وكان الشيخان حسيل بن جابر ورفاعة بن وقش شيخين كبيرين، قد رفعا في الآطام مع النساء، فقال أحدهما لصاحبه: لا أبا لك ما نستبقي من أنفسنا فوالله ما نحن إلا هامة اليوم أو غد، وما بقي من أجلنا قدر ظمء (1) دابة، فلو أخذنا أسيافنا فلحقنا برسول الله صلى الله عليه وآله لعل الله يرزقنا الشهادة قال: فلحقا برسول الله صلى الله عليه وآله، فأما رفاعة فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر فالتفت عليه سيوف المسلمين، وهم لا يعرفونه حين اختلطوا، وابنه حذيفة يقول أبى أبى حتى قتل، فقال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، ما صنعتم فزاد به عند رسول الله صلى الله عليه وآله خيرا، وأمر رسول الله بديته أن تخرج، ويقال إن الذي أصابه عتبة بن مسعود، فتصدق حذيفة ابنه بدمه على المسلمين.
قال الواقدي: وأقبل يومئذ الحباب بن المنذر بن الجموح يصيح يا آل سلمة فأقبلوا

(1) يقال: ما بقي منه إلا ظمء دابة، أي لم يبق من عمره إلا اليسير.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213