يوما ثانيا يكون لهم فيه الظفر الكلى بالنبي صلى الله عليه وآله، فرجعوا عنهم وطلبوا مكة.
وروى الواقدي عن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبي الحويرث، عن نافع بن جبير، قال: سمعت رجلا من المهاجرين يقول شهدت أحدا، فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية، ورسول الله صلى الله عليه وآله في وسطها كل ذلك يصرف عنه، ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يقول يومئذ دلوني على محمد، فلا نجوت إن نجا وأن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جنبه، ما معه أحد، ثم جاوزه، ولقى عبد الله بن شهاب صفوان بن أمية، فقال له صفوان: ترحت (1) هلا ضربت محمدا، فقطعت هذه الشأفة، فقد أمكنك الله منه قال ابن شهاب: وهل رأيته قال: نعم أنت إلى جنبه، قال: والله ما رأيته، أحلف بالله إنه منا لممنوع، خرجنا أربعة تعاهدنا وتعاقدنا على قتله، فلم نخلص إلى ذلك.
قال الواقدي: فروى نملة - واسم أبى نملة عبد الله بن معاذ، وكان أبوه معاذ أخا البراء بن معرور لامه - قال: لما انكشف المسلمون ذلك اليوم نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وما معه أحد إلا نفير قد أحدقوا به من أصحابه من المهاجرين والأنصار، فانطلقوا به إلى الشعب وما للمسلمين لواء قائم ولا فئة ولا جمع، وإن كتائب المشركين لتحوشهم مقبلة ومدبرة في الوادي، يلتقون ويفترقون ما يرون أحدا يردهم.
قال الواقدي، وحدثني إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري، عن أبيه، قال:
حمل مصعب اللواء، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب قبل ابن قميئة، وهو فارس، فضرب يد مصعب فقطعها، فقال مصعب: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل).
وأخذ اللواء بيده اليسرى، وحنى عليه فضربه فقطع اليسرى، فضمه بعضديه إلى صدره،