فبينا هم على ذلك أبصر سعد بن أبي وقاص مالك بن زهير يرمى من وراء صخرة قد رمى، واطلع رأسه، فيرميه سعد، فأصاب السهم عينه، حتى خرج من قفاه، فترى (1) في السماء قامة، ثم رجع فسقط، فقتله الله عز وجل.
قال الواقدي: ورمى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوسه يومئذ حتى صارت شظايا، فأخذها قتادة بن النعمان، وكانت عنده، وأصيبت يومئذ عين قتادة حتى وقعت على وجنته. قال قتادة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت يا رسول الله، إن تحتي امرأة شابة جميلة، أحبها وتحبني، وأنا أخشى أن تقذر مكان عيني، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وآله فردها وانصرف بها، وعادت كما كانت، فلم تضرب عليه ساعة من ليل ونهار، وكان يقول بعد أن أسن هي أقوى عيني - وكانت أحسنهما.
قال الواقدي: وباشر رسول الله صلى الله عليه وآله القتال بنفسه، فرمى بالنبل حتى فنيت نبله، وانكسرت سية قوسه، وقبل ذلك انقطع وتره، وبقيت في يده قطعة تكون شبرا في سية القوس، فأخذ القوس عكاشة بن محصن يوتره له، فقال يا رسول الله، لا يبلغ الوتر، فقال مده يبلغ، قال عكاشة: فوالذي بعثه بالحق لمددته حتى بلغ، وطويت منه ليتين أو ثلاثة على سية القوس، ثم أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله، فما زال يرامي القوم، وأبو طلحة أمامه يستره مترسا عنه، حتى نظرت إلى سية قوسه قد تحطمت، فاخذها قتادة بن النعمان.
قال الواقدي: وكان أبو طلحة يوم أحد قد نثل كنانته (3) بين يدي النبي صلى الله عليه وآله، وكان راميا، وكان صيتا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لصوت أبى طلحة في الجيش خير من أربعين رجلا)، وكان في كنانته خمسون سهما نثلها بين يدي