شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٤٨
وهو يقول: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)، ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه، واندق الرمح، ووقع مصعب وسقط اللواء، وابتدره رجلان من بنى عبد الدار، سويبط بن حرملة وأبو الروم، فاخذه أبو الروم، فلم يزل بيده حتى دخل به المدينة، حين انصرف المسلمون.
قال الواقدي: وقالوا إن رسول الله لما لحمه القتال، وخلص إليه وذب عنه مصعب بن عمير وأبو دجانة، حتى كثرت به الجراحة، جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
(من رجل يشرى نفسه؟) فوثب فئة من الأنصار خمسة، منهم عمارة بن زياد بن السكن، فقاتل حتى أثبت، وفاءت فئة من المسلمين حتى أجهضوا أعداء الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمارة بن زياد: ادن منى، حتى وسده رسول الله صلى الله عليه وآله قدمه، وإن به لأربعة عشر جرحا حتى مات، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يذمر الناس ويحضهم على القتال، وكان رجال من المشركين قد أذلقوا (1) المسلمين بالرمي: منهم حيان بن العرقة وأبو أسامة الجشمي، فجعل النبي صلى الله عليه وآله يقول لسعد: (إرم فداك أبي وأمي) فرمى حيان بن العرقة بسهم فأصاب ذيل أم أيمن، وكانت جاءت يومئذ تسقى الجرحى، فقلبها، وانكشف ذيلها عنها، فاستغرب حيان بن العرقة ضحكا، وشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله، فدفع إلى سعد بن أبي وقاص سهما لا نصل له، وقال: ارم به، فرمى فوضع السهم في ثغرة نحر حيان، فوقع مستلقيا، وبدت عورته.
قال سعد: فرأيت النبي صلى الله عليه وآله ضحك يومئذ حتى بدت نواجذه، وقال:
استقاد لها سعد، أجاب الله دعوتك، وسدد رميتك، ورمى يومئذ مالك بن زهير الجشمي أخو أبي أسامة الجشمي المسلمين رميا شديدا، وكان هو وريان بن العرقة قد أسرعا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وأكثرا فيهم القتل يستتران بالصخر، ويرميان،

(1) أذلقوهم: أوجعوهم.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213