وأغلظوا لأبي سفيان بعض الاغلاظ، فقال أبو سفيان: فنجعل لواء آخر قالوا نعم، ولا يحمله إلا رجل من بنى عبد الدار، لا كان غير ذلك أبدا.
قال الواقدي: وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمشى على رجليه، يسوى تلك الصفوف، ويبوئ أصحابه مقاعد للقتال، يقول: تقدم يا فلان، وتأخر يا فلان، حتى إنه ليرى منكب الرجل خارجا فيؤخره، فهو يقومهم كأنما يقوم القداح، حتى إذا استوت الصفوف، سأل من يحمل لواء المشركين قيل عبد الدار، قال: نحن أحق بالوفاء منهم، أين مصعب بن عمير قال: ها أنا ذا قال: خذ اللواء، فاخذه مصعب فتقدم به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال البلاذري: أخذه من علي عليه السلام، فدفعه إلى مصعب بن عمير لأنه من بنى عبد الدار (1).
قال الواقدي: ثم قام عليه السلام، فخطب الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، أوصيكم بما أوصاني به الله في كتابه، من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه.
ثم إنكم اليوم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر الذي عليه، ثم وطن نفسه على الصبر واليقين والجد والنشاط، فان جهاد العدو شديد كريه، قليل من يصبر عليه، إلا من عزم له على رشده. إن الله مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه، فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله، وعليكم بالذي آمركم به، فإني حريص على رشدكم. إن الاختلاف والتنازع والتثبيط من أمر العجز والضعف، وهو مما لا يحبه الله، ولا يعطى عليه النصر والظفر. أيها الناس إنه قذف في قلبي إن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله غفر الله له ذنبه، ومن صلى على محمد (2) صلى الله عليه وملائكته