هذا منك قبل أن اخرج ما سرت خطوة، فاطو هذا الخبر أن تعلمه قريش، فإنها تتهم كل من عوقها عن المسير - وكان ضمضم قد ذكر هذا الحديث للحارث ببطن يأجج (1) - قالوا وكرهت قريش أهل الرأي منهم المسير، ومشى بعضهم إلى بعض، وكان ممن أبطأ بهم عن ذلك الحارث بن عامر، وأمية بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحكيم بن حزام وأبو البختري، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه، حتى بكتهم أبو جهل بالجبن، وأعانه عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث بن كلدة، وحضوهم على الخروج، وقالوا هذا فعل النساء. فأجمعوا المسير، وقالت قريش لا تدعوا أحدا من عدوكم خلفكم (2).
قال الواقدي: ومما استدل به على كراهة الحارث بن عامر للخروج وعتبة وشيبة، إنه ما عرض رجل منهم حملانا، ولا حملوا أحدا من الناس، وإن كان الرجل ليأتيهم حليفا أو عديدا، ولا قوة له، فيطلب الحملان منهم، فيقولون إن كان لك مال وأحببت أن تخرج فافعل وإلا فأقم، حتى كانت قريش تعرف ذلك منهم.
قال الواقدي: فلما اجتمعت قريش إلى الخروج والمسير، ذكروا الذي بينهم وبين بنى بكر من العداوة، وخافوهم على من يخلفونه، وكان أشدهم خوفا عتبة بن ربيعة، وكان يقول يا معشر قريش، أنكم وإن ظفرتم بالذي تريدون، فإنا لا نأمن على من نخلف، إنما نخلف نساء ولا ذرية ومن لا طعم به فارتأوا آراءكم (3)، فتصور لهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال يا معشر قريش، قد عرفتم شرفي ومكاني في قومي، أنا لكم جار أن تأتيكم كنانة بشئ تكرهونه، فطابت نفس عتبة، وقال له أبو جهل: