النفير يعتبر بك غيرك من قومك، فأخرج أو أبعث رجلا، فقال و اللات والعزى لا أخرج ولا أبعث أحدا، فجاءه أبو جهل فقال أقم يا أبا عتبة، فوالله ما خرجنا إلا غضبا لدينك ودين آبائك وخاف أبو جهل أن يسلم أبو لهب، فسكت أبو لهب ولم يخرج ولم يبعث، وما منع أبا لهب أن يخرج إلا الاشفاق من رؤيا عاتكة، كان يقول إنما رؤيا عاتكة اخذ باليد، ويقال إنه بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة وكان له عليه دين، فقال اخرج وديني عليك لك، فخرج عنه.
وقال محمد بن إسحاق في المغازي كان دين أبى لهب على العاص بن هشام أربعة آلاف درهم، فمطله بها وأفلس، فتركها له على أن يكون مكانه، فخرج مكانه.
قال الواقدي: وأخرج عتبة وشيبة دروعا لهما، فنظر إليهما مولاهما عداس وهما يصلحان دروعهما وآله حربهما، فقال ما تريدان فقالا أ لم تر إلى الرجل الذي أرسلناك إليه بالعنب في كرمنا بالطائف قال: نعم، قالا نخرج فنقاتله، فبكى، وقال: لا تخرجا، فوالله إنه لنبي، فأبيا فخرجا، وخرج معهما فقتل ببدر معهما.
قلت حديث العنب في كرم ابني ربيعة بالطائف قد ذكره أرباب السيرة، وشرحه الطبري في التاريخ، قال: لما مات أبو طالب بمكة طمعت قريش في رسول الله صلى الله عليه وآله ونالت منه ما لم تكن تناله في حياة أبى طالب، فخرج من مكة خائفا على نفسه مهاجرا إلى ربه يؤم الطائف، راجيا أن يدعو أهلها إلى الاسلام فيجيبوه، وذلك في شوال من سنة عشر من النبوة، فأقام بالطائف عشرة أيام، وقيل شهرا، لا يدع أحدا من أشراف ثقيف الا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وأشاروا عليه أن يخرج عن أرضهم، ويلحق بمجاهل الأرض وبحيث لا يعرف، وأغروا به سفهاءهم، فرموه بالحجارة، حتى إن رجليه لتدميان، فكان معه زيد بن حارثة، فكان يقيه بنفسه، حتى لقد شج في رأسه.