قال الواقدي: وحدثني موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه، قال: قال أبو سفيان ابن حرب لضمضم: إذا قدمت على قريش فقل لها لا تستقسم بالأزلام.
قال الواقدي: وحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن أبي بكر بن سليم بن أبي خيثمة، قال: سمعت حكيم بن حزام يقول ما توجهت وجها قط كان أكره إلى من مسيري إلى بدر، ولا بان لي في وجه قط ما بان لي قبل أن اخرج، ثم قال: قدم ضمضم، فصاح بالنفير فاستقسمت بالأزلام، كل ذلك يخرج الذي أكره، ثم خرجت على ذلك حتى نزلنا مر الظهران، فنحر ابن الحنظلية جزورا منها بها حياة، فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه من دمها، فكان هذا بين (1)، ثم هممت بالرجوع، ثم أذكر ابن الحنظلية وشؤمه، فيردني حتى مضيت لوجهي. وكان حكيم يقول لقد رأينا حين بلغنا الثنية البيضاء - وهي الثنية التي تهبطك على فخ وأنت مقبل من المدينة - إذا عداس (2) جالس عليها والناس يمرون، إذ مر علينا ابنا ربيعة، فوثب إليهما، فأخذ بأرجلهما في غرزهما، وهو يقول بأبي أنتما وأمي والله إنه لرسول الله صلى الله عليه وآله، وما تساقان إلا إلى مصارعكما وإن عينيه لتسيل دمعا على خديه، فأردت أن أرجع أيضا، ثم مضيت ومر به العاص بن منبه بن الحجاج، فوقف عليه حين ولى عتبة وشيبة، فقال: ما يبكيك قال: يبكيني سيدي - أو سيدا أهل (3) الوادي - يخرجان إلى مصارعهما، ويقاتلان رسول الله صلى الله عليه وآله فقال العاص وإن محمدا لرسول الله فانتفض عداس انتفاضة واقشعر جلده، ثم بكى، وقال: أي والله، إنه لرسول الله إلى الناس كافة. قال: فأسلم العاص بن منبه، ومضى وهو على الشك، حتى قتل مع المشركين على شك وارتياب ويقال رجع عداس ولم يشهد بدرا، ويقال شهد بدرا وقتل.
قال الواقدي: والقول الأول أثبت عندنا.