قال الواقدي: وخرج سعد بن معاذ معتمرا قبل بدر، فنزل على أمية بن خلف، فأتاه أبو جهل، وقال: أتترك هذا وقد آوى محمدا وآذننا بالحرب فقال سعد بن معاذ قل ما شئت، أما إن طريق عيركم علينا، قال أمية بن خلف: مه لا تقل هذا لأبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي قال سعد بن معاذ: وأنت تقول ذلك يا أمية أما والله لسمعت محمدا يقول لأقتلن أمية بن خلف، قال أمية: أنت سمعته قال سعد بن معاذ: فقلت:
نعم قال: فوقع في نفسه، فلما جاء النفير أبى أمية أن يخرج معهم إلى بدر، فأتاه عقبة بن أبي معيط وأبو جهل، ومع عقبة مجمرة فيها بخور، ومع أبى جهل مكحلة ومرود، فأدخلها عقبة تحته، فقال تبخر، فإنما أنت امرأة، وقال أبو جهل: اكتحل فإنما أنت امرأة فقال أمية: ابتاعوا لي أفضل بعير في الوادي، فابتاعوا له جملا بثلاثمائة دينار من نعم بنى قشير، فغنمه المسلمون يوم بدر، فصار في سهم خبيب (1) بن يساف.
قال الواقدي: وقالوا ما كان أحد ممن خرج إلى العير أكره للخروج من الحارث ابن عامر، وقال: ليت قريشا تعزم على القعود وإن مالي في العير تلف ومال بنى عبد مناف أيضا فيقال له إنك سيد من ساداتها، أفلا تردعها عن الخروج قال: إني أرى قريشا قد أزمعت على الخروج، ولا أرى أحدا به طرق (2) تخلف إلا من علة، وأنا أكره خلافها، وما أحب أن تعلم قريش ما أقول، على أن ابن الحنظلية رجل مشئوم على قومه، ما أعلمه إلا يحرز قومه أهل يثرب، ولقد قسم الحارث (3) مالا من ماله بين ولده، ووقع في نفسه أنه لا يرجع إلى مكة، وجاءه ضمضم بن عمرو، وكانت للحارث عنده أياد، فقال أبا عامر، إني رأيت رؤيا كرهتها، وإني لكاليقظان على راحلتي وأراكم أن واديكم يسيل دما من أسفله إلى أعلاه، فقال الحارث ما خرج أحد وجها من الوجوه أكره له من وجهي هذا، قال: يقول ضمضم: والله إني لأرى لك أن تجلس، فقال لو سمعت