شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١١٢
فقام أبو بكر فقال فأحسن ثم قام عمر فقال فأحسن، ثم قال: يا رسول الله، إنها قريش وعزها والله ما ذلت منذ عزت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لا تسلم عزها أبدا، ولتقاتلنك فاتهب لذلك أهبته، وأعد عدته، ثم قام المقداد بن عمرو، فقال:
يا رسول الله لأمر الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها ﴿أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾ (1)، ولكن أذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا.
قال الواقدي: برك الغماد من وراء مكة بخمس ليال من وراء الساحل مما يلي البحر، وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله خيرا، ودعا له بخير، ثم قال صلى الله عليه وآله: أشيروا على أيها الناس - وإنما يريد الأنصار، وكان يظن أن الأنصار لا تنصره إلا في الدار، وذلك أنهم شرطوا أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأولادهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أشيروا على، فقام سعد بن معاذ، فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا قال: أجل، قال: إنك عسى أن تكون خرجت عن أمر قد أوحى إليك، وإنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به حق، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامض يا نبي الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل، وصل من شئت، وخذا من أموالنا ما أردت، فما أخذته من أموالنا أحب إلينا مما تركت، والذي نفسي بيده ما سلكت هذه الطريق قط، وما لي بها من علم، وإنا لا نكره أن نلقى عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا بعض ما تقر به عينك (2).

(١) سورة المائدة ٢٤.
(2) الواقدي 44 وفيه: (ما تقر به عينك).
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213