شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٩٧
والشيعة تروى أن علي بن أبي طالب كان معه أيضا في هجرة الطائف، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله عن ثقيف وهو محزون، بعد أن مشى إلى عبد يا ليل ومسعود وحبيب ابني عمرو بن عمير، وهم يومئذ سادة ثقيف، فجلس إليهم، ودعاهم إلى الله وإلى نصرته والقيام معه على قومه، فقال له أحدهم أنا أمرط (1) بباب الكعبة، إن كان الله أرسلك وقال الآخر: أما وجد الله أحدا أرسله غيرك وقال الثالث: والله لا أكلمك كلمة أبدا، لئن كنت رسولا من الله كما تقول، لانت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت كاذبا على الله ما ينبغي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وآله من عندهم، وقد يئس من خير ثقيف، واجتمع عليه صبيانهم وسفهاؤهم، وصاحوا به وسبوه وطردوه، حتى اجتمع عليه الناس يعجبون منه، وألجأوه بالحجارة والطرد والشتم إلى حائط (2) لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وهما يومئذ في الحائط، فلما دخل الحائط رجع عنه سفهاء ثقيف، فعمد إلى ظل حبلة (3) منه فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران ويريان ما لقى من سفهاء ثقيف.
قال الطبري: فلما اطمأن به قال - فيما ذكر لي: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربى، إلى من تكلني إلى بعيد فيتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، فإن لم يكن منك غضب على فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك.
فلما رأى عتبة وشيبة ما لقى تحركت له رحمهما، فدعوا غلاما نصرانيا لهما، يقال له

(1) في الطبري: (هو يمرط ثياب الكعبة)، اي يمزقها.
(2) الحائط هنا: البستان.
(3) الحبلة: الكرمة.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213