وأما القسم الثاني فهو أن يأخذ حقهما لنفسه وبين القسمين فرق ظاهر والثاني أفحش من الأول.
فان قلت فأي فرق بين قوله " أم جهلته " أو " أخطأت بابه ".
قلت جهل الحكم أن يكون الله تعالى قد حكم بحرمه شئ فأحله الامام أو المفتى وكونه يخطئ بابه هو أن يصيب في الحكم ويخطئ في الاستدلال عليه.
ثم أقسم انه لم يكن له في الخلافة رغبة ولا إربة بكسر الهمزة وهي الحاجة وصدق عليه السلام فهكذا نقل أصحاب التواريخ وأرباب علم السير كلهم وروى الطبري في التاريخ ورواه غيره أيضا أن الناس غشوة وتكاثروا عليه يطلبون مبايعته وهو يأبى ذلك ويقول دعوني والتمسوا غيري فانا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان لا تثبت عليه العقول ولا تقوم له القلوب قالوا ننشدك الله الا ترى الفتنة الا ترى إلى ما حدث في الاسلام الا تخاف الله فقال قد أجبتكم لما أرى منكم واعلموا انى إن أجبتكم ركبت بكم ما اعلم وإن تركتموني فإنما انا كأحدكم بل انا أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه امركم إليه فقالوا ما نحن بمفارقيك حتى نبايعك قال إن كان لا بد من ذلك ففي المسجد فان بيعتي لا تكون خفيا ولا تكون الا عن رضا المسلمين وفى ملا وجماعة فقام والناس حوله فدخل المسجد وانثال عليه المسلمون فبايعوه وفيهم طلحة والزبير (1).
قلت قوله " إن بيعتي لا تكون خفيا ولا تكون الا في المسجد بمحضر من جمهور الناس " يشابه قوله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس لما سامه مد يده للبيعة فقال إني أحب أن أصحر بها (2) وأكره أن أبايع من وراء رتاج.